بقلم عبد الهادي احميمو **** مشاريع معطلة ومناطق تفتقد التطوير وإهمال طلبات وآراء المواطن
تعصف الخلافات بأعضاء مجلس البلدي بأسفي منذ أن رأى النور بعد انتخابات 2021، ويبدو الشرخ عميقاً فيما بينهم محدثاً صخباً إعلامياً يراه بعض الأعضاء مبالغاً فيه، ويعده صنف ثان دليلاً على حيوية المجلس، بينما يعزوه آخرون إلى أسباب واهية أخرى، ويعتبرونه «نشراً لغسيل المجلس على الملأ»، فيما يظل المواطن الأسفي هو المتضرر، مع استمرار الشكاوى من توقف مشاريع كبرى، واستمرار معاناة كثير من المناطق من تأخر تطوير الطرق، وانتشار البيوت المهجورة والآيلة للسقوط، وندرة مواقف السيارات وسواها من المسائل ذات الأولوية بالنسبة للمواطنين.
ومن اللافت أن التكتلات والخلافات ضربت المجلس حتى قبل أن يعقد أولى جلساته بعد نصف من الولاية الإنتخابية ، حين ظهر الخلاف بين رئيس المجلس و التحالف و المعارضة ومراسم الإدلاء بالقسم القانوني، ويرى رئيس المجلس البلدي أن «الخلاف في الرأي بين الأعضاء أمر طبيعي وبعض الأعضاء يثيرون مشاكل شخصية بشكل يدل على التربص بقصد تشويه السمعة، (..) كل واحد يعبر عن رأيه ، ويعتمد رأي الأغلبية»، لكن المواطن يتساءل «ألم يحن الأوان ليتفرغ المجلس لخدمة المواطن وللمصلحة العامة بعيداً عن الصراعات، لماذا لا يسعون للمواطن مثل ما يفعلون أيام الانتخابات؟»
وتكررت خلافات الأعضاء في عدة محطات من عمل المجلس أدت أحياناً إلى تعليق الجلسات أو استحواذ بنود تمثل تلك الخلافات على جدول أعمال جلسات كاملة، مثلما حصل في الخلاف الحاد بين الأعضاء على تشكيل اللجان الفرعية وعضوية اللجان، ويعلق على هذه النقطة أحد الأعضاء قائلاً «أبديت رأيي وقت الخلاف على اللجان، لكن لن نجد أدانا صاغية داخل المجلس للنظر في المشاكل القائمة بين الأعضاء والعمل على حلها»، مضيفاً «أوجه دعوة لإخواني الأعضاء أن يتفضلوا في ضيافتي للحديث والحوار خارج المجلس لإزالة أي سوء فهم، لأن خدمة المواطنين شرف يجب التركيز عليه.
وبمتابعة ما يجري في المجلس يتبين أن جوهر المشكلة القائمة الآن هي غياب الثقة وتبادل الاتهامات بين محسوبين على هيأة سياسية ومن يعدون أنفسهم داخل التحالف والمعارضة، حيث يقول المنتخبون إن هناك تكتلاً يعيق أي مشاريع أو مقترحات تصدر من سواهم مستفيدين من الأغلبية أو المعارضة ، بينما يتهم المحسوبون على الهيأة الساسية بعض نظرائهم بالعمل على إفشال عمل المجلس سعياً لإظهار سياسية على أنها فاشلة، ولتصفية حسابات شخصية.
ولعبت ولاتزال الخلافات بين الأعضاء دوراً في عرقلة بعض المشاريع، حتى لو كان الأمر يتم عبر آلية التصويت بالأغلبية، بسبب ما يعتبره مواطنون ضعفاً في توافق الأعضاء على قضايا مهمة، مما يعطي فرصة للجهات التنفيذية باستغلال فرقة كلمة المجلس لوقف بعض المشاريع أو تأجيلها، وفي هذا الشأن يقول المواطن الأسفي «حال المجلس البلدي في أسفي يبعث على (القهر) وكلما أتى مستثمر لتنفيذ بعض المشاريع الكبرى، يتم رفضه بسبب الصراعات بين الأعضاء، على عكس المجالس السابقة حيث تحققت إنجازات ليست بالكبيرة لكنها كانت مميزة.
ويؤكد بعض الأعضاء وجود إنجازات حققها المجلس تضاهي سائر المجالس البلدية الأخرى، دون أن تؤثر الخلافات على الاهتمام باحتياجات المواطنين، و أن «المشاريع الكبرى التي يتم تكرار الشكوى من تأخر تنفيذها ليس المجلس وراء تأخرها، وأنه بالنظر لتفاصيلها يتبين أن الحقيقة غير ذلك»، حسب رأي أحد الأعضاء .
لكن هذا الرأي لا يحظى بالإجماع داخل المجلس حيث يوجد اتجاه يرى أن المشكلة غير قابلة للحل، ويقول إنه «لا أمل في علاج الخلافات داخل المجلس الهيأة السياسية هي التي تقود المجلس ودائماً ما يجري رفض مقترحات المنتخبين دون دراسة، فقط لأننا من نقدمها، مثلما حصل في عدة دورات ،
ويتابع أحد المواطنين قائلاً إن العمل البلدي يجب أن يكون بعيداً عن السياسة بحيث يوجه لمصلحة المواطن الذي انتخب الأعضاء مضيفاً أن «الصراعات وصلت الآن إلى الموظفين، وتوصيات المجلس مثيرة للضحك، ويشهد المجلس البلدي جدالاً طويلاً على قضايا هامشية، الآن يحاولون استعطاف الناس لتعديل الوضع من أجل اقتراب الانتخابات»، في حين يرى المواطن أن الأمور ماشية رغم وجود مشاكل هنا وشكاوى هناك وهو أمر طبيعي الأمور التي يراها البعض تافهة، قد تكون أمراً مهماً تقدم مواطنون بها لحل مشكلة لديهم، وأي موضوع يطرح من قبل المنتخب نعتبره بالغ الأهمية ولابد من مناقشته.
ومن البديهي أن لا يهتم المواطنون كثيراً بدهاليز التجاذبات السياسية وآليات العمل الداخلية، حيث إن ما يهمهم بالدرجة الأولى هو تلبية احتياجاتهم من الخدمات، لكنهم بدلاً من ذلك اعتادوا على متابعة أخبار الخلافات الشخصية التي تطفو على السطح بين حين وآخر، بينما يجدون صعوبة في التواصل مع بعض الأعضاء، مويوضحين أن «بعض الأعضاء لا يهمهم التعرف على آراء المواطنين، بل يمتنعون عن الظهور والتواصل مع المواطنين في مجالسهم، ومثل هذه الممارسات تشوه التجربة الديمقراطية في شقها البلدي.
وفي سياق متصل، أن من حق عضو المجلس البلدي أن يكون منتمياً لأي هيأة سياسية وهو حق كفله الدستور، ملمحاً إلى أن هناك حرباً تشن ممن يدعي أنه بين التحالف أ المعارضة لكي يروج أن هذ المجلس فاشل ، العمل البلدي ينبغي ألا يسيس، واختصاصات المجلس البلدي محددة في القانون. و يجب ألا نغفل أن التجربة وليدة وتحتاج إلى وقت ليتمكن المواطن من اختيار الشخص المناسب، لأن البعض لم يصل إلى مستوى إدراك استخدام فسحة الإعلام المتاحة وحرية التعبير بشكل يليق بالتجربة الديمقراطية.
ومما يدلل على وجود مشكلة حقيقية، مبادرة الحسين شاينان إلى التدخل شخصياً في حل بعض المشاكل الإجتماعية لدى المواطن الأسفي أكثر من مرة بعيدا عن أعضاء المجلس، وحثهم على الارتقاء بالعمل البلدي لطموح المواطن والالتزام بالمعايير المهنية بعيداً عن التسييس، وبحسب حث الأعضاء على تجنب الخوض في مهاترات إعلامية.
وفي هذا السياق، يقول المواطن أليس هناك تقدير عند أعضاء المجلس البلدي للنزول رفقة الرئيس لأهالي أسفي ، وتفقده أحوال المواطنين ومشاكلهم بنفسه؟ ألم يكن ينبغي على أعضاء المجلس استغلال الاهتمام الخاص بالمدينة وأهلها من أجل التسهيل على المواطنين وتلبية احتياجاتهم، والوصول إلى موافقات المجلس والجهات التنفيذية على المشاريع المعطلة؟.
ويؤكد أحد المواطنين وجود مناطق عديدة في أسفي تفتقر التطوير فيما يتعلق بالطرق والبيوت القديمة وتخصيص استملاكات لعمل مواقف للسيارات، إضافة إلى المشاريع الكبيرة العالقة رى واستكمال تطوير المدينة.
وأياً كان نصيب المجلس البلدي من المسؤولية عن بطء أو تعطل بعض المشاريع، فإن من الواضح أن هناك خلافات ليست سهلة بين الأعضاء تجاوزت حد الخلاف المقبول في الرأي وبلغت حداً لا يرضي المواطنين، ويبدو أنهم سيستمرون في طرح السؤال نفسه كل مرة: حتى متى سنظل نسمع عن الصراعات داخل مجلس البلدي بأسفي ؟.