عبد الهادي احميمو ** إن كنت تعتقد أن إعطاء الحب لمن حولك سيعود إليك أضعافاً وأنك ستنعم في مودة ومحبة وتهنأ معهم فأنت واهم وحالم. كما ترى كثيراً من الناس يسيئون فهم تلك الهبة الثمينة التي تعطي منها ببذخ. فإن تعبيرك عن الحب هو ضعف أو سذاجة، أو هو بئرٌ يرتوون منه حتى يجف ثم يبحثون عن آخر. أو هو طبعك وأهلاً وسهلاً به لكن لا نهتم، أو أهلاً بك لا مفر منا يا حسيس.. فلتنعم ببرودتنا ولتذهب طاقاتك إلى ألواحٍ من الثلج وترتطم بحوائط مصقولة.
إذا ما نظرنا إلى تلك الدائرة وحاولنا إغلاقها؛ فنبدأ بالمبادرة بالإحسان والجود بالمشاعر ثم تلقي الطرف الآخر، ثم مرحلة الإنبات ونمو ما رويته من بذور، ثم مرحلة الإثمار.. هنا ستخذلك الدائرة ولن تُغلق بجني ثمار ما وهبت.. سيذهب إلى غيرك.. بكل بساطة، هكذا كلما استثمرت طاقاتك في شخص ما تتجه الأرباح إلى شخص ما ليس أنت. وتظل الدائرة مفتوحة ويتسع قطرها معلنةٌ أن ما كان مقدرا لك سيأتيك ولو كان بين جبلين وما لم يكن مقدرا لك لن يأتيك ولو كان بين شفتيك.
فهل جزاء الإحسان هو الإحسان فعلاً؟ نعم، لكن متى أراد الله، فسبحانه يرده أليك في الوقت الذي يريد وممن يشاء من خلقه. كما الحال في تقسيمه للأرزاق -أموالاً كانت أو صحةً أو نسلاً. إن الله سبحانه وتعالى حين خلق الإنسان ونفخ فيه من روحه قد وضع فيه الرحمة والمحبة. تلك الصفتان اللتان هما من أساسيات استمرار العلاقات الإنسانية السوية.
هلا تأتيني أيتها الوعود من عالم آخر؟؟ حيث لا كذب ولا خداع.. حيث نقول عند عهوداً صادقة لا أماني كاذبة.. من حيث صدق قائل الوعد وأمانته.. حيث أنت مقدسة بخيرك وشرك.. حيث لا سبيل إلى الحنث بك.. ليس لكِ إلا التحقق ولنا نحن الوفاء
أيتها الوعود الكاذبة؛ لا تأتيني من بشر ولا تذهبي لأحد من البشر، لا تمنحيهم أملاً وعزماً، لا تشعلي فيهم شعلة لينطلقوا ويحيوا دنياهم بإشراقاتٍ منتظرة. لا تغادري شفاه العامل المُكدّ ليخبرنا أن كل شيء سيكون على ما يرام. لا تخرجي من قلب الأم لتخبر أولادها أن يوماً ما سيزول هذا المصاب. لا تأتي لتطمئني شاباً في مقتبل العمر أنه مازال يمتلك فرصاً عظيمة وأن العالم يفتح له ذراعيه. لا تخدعي مزارعاً أنّ يرزقه سينمو ويكثر وينعم به. لا تشجعيهم بني آدم هؤلاء.. لا تتلاعبي بنا لأنك كاذبة. وآمالك التي تبنيها سراب.. لا تلبث أن تذوب مع قسوة الواقع.. لا تجعليني أبحث بعيداً عن نهاية النفق، لا تُضلّيني.. لا تعطيني مفتاحاً لا يفتح باباً..
لو أنك ترحلتي معي هنا لعلمت أن الله خلق أناساً تَعِدْ وآخرين يُوعدون، وتأملي معي سهولة إطلاقك مع ابتسامة توحي بالأمل وترسل القلوب في رحلات إلى أرض الأمان.. ثم يضرب تلك الأرض زلزالاً يُخبر عن زيف ما حملتِهِ من معاني.. تأملي ما تكسرين في دواخلِهم.. لذلك لا تأتيني من هذه الأرض التي زالت منها معاني الإنسانية وانطفأت فيها أضواء الحياة.
هلا تأتيني من عالم آخر؟؟ حيث لا كذب ولا خداع.. حيث نقول عند عهوداً صادقة لا أماني كاذبة.. من حيث صدق قائل الوعد وأمانته.. حيث أنت مقدسة بخيرك وشرك.. حيث لا سبيل إلى الحنث بك.. ليس لكِ إلا التحقق ولنا نحن الوفاء. تعالي إلىّ فأنا أؤمن بكِ كلمةٌ حقٌ منه.. وأشهد على صدق الوعيد.