بقلم المدير المسؤول ومدير النشر عبد الهادي احميمو **تعرضت في السنوات القليلة الماضية لبعض من الصدمات عندما تخلى عني الجميع من كانوا الأقرب إلي ،كما أنني تعرضت لظلم شديد جعلني أشعر بالوحدة وأنعزل شعوريا عن الجميع، وأمشي في الطريق لوحدي لأتذكر كل هؤلاء و أتحسر وأبكي على ثقتي بهؤلاء ، وأصبحت لا أشعر بقيمة الحياة، واقتربت من الله، حيث شعرت بالراحة والأمان بعدما فقدت الثقة في أناس كانوا الأقرب مني بكثير ، وراجعت طبيبا نفسيا، وطمأنني في الإبتعاد عن أصحاب الأغراض الشخصية .
الآن وبعد أن انتهت تلك الفترة الصعبة، أصبحت لا أثق في أحد ، وصرت بلا مشاعر، لا أتعاطف مع أحد مهما كان يتألم، علما أني سابقا كنت أتألم لفكرة فقدان أحد أصدقائي و أهلي، ولا أهتم لموت أحد حتى نفسي، لا يهمني شيء إلا ربي، أعامل كل الناس بالحسنى، حتى من ظلموني، لإرضاء الله الذي كان ولا زال سندي، لكني شعوريا لا أتعاطف معهم، وعندما أجد من ظلمني مبتلى بالمصائب، أقول (سبحان الله) ولا أتأثر لا سلبا ولا إيجابا.
ومن المعروف أن عدوى انتشار الشر والأخبار السيئة الكاذبة والإشاعات وترويج النيات المغلوطة أسرع كثيرا من انتشار الأخبار السارة والنيات الحسنة، وأي أفكار إيجابية في المجتمع.
وتوجد في المجتمعات الصداقة آذان كثيرة ترغب بشدة في السماع عن نواقص وخفايا الأشخاص الذين اشتهروا بصلاحهم وعملهم الخيري وفضائلهم، وتكون هذه الآذان مستعدة دائما ومتحمسة لسماع مثل هذه الغيبة من دون السؤال عنها وتمحيصها وإخضاعها للتحقيق والتأكد. كفى بالمرء شرًّا قبول الخبر من دون السؤال عن مصدره والتحرّي، فكيف بمحاولة نشره؟!
ليميل الناس دائما إلى البقاء في غرف الصدى الخاصة بهم، بدل البحث بهمة والتأكد قبل تداول أي معلومة، لا سيما لو كانت أخبارا عن الناس.
طالما كان هدف هذه الأخبار التضليل والتشويه وتمويه الأخبار الأخرى المزيفة .و الهدف دائما هو تضليل الناس عن الحقيقة، بتقديمها في صورة تجعلهم يصدقونها على الفور. أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مساهمة في هذا الأمر أسرع كثيرا من ذي قبل، الأمر الذي بدوره يفكك تماسك البناء النفسي والاجتماعي للناس أسرع كثيرا.
ويبدو أن هناك حالة نفسية تتلبس الناس بمجرد معرفتهم أن هناك شخصا صالحا يقوم بأعمال سيئة، وتتمثل هذه الحالة في شعور الناس بأن هذه المعرفة كأنها تزيل عنهم وعن كواهلهم عبء ضرورة فعل الخير والبحث عنه وتبنيه حتى لو كان أهل الأرض كلهم سيئين. بعضهم يسكّن ضميره لمجرد معرفته أن الأشخاص الصالحين يذنبون وقد يحدث وتصدر منهم النقائص، وهذا لا يمكن أن يكون عذرا كافيا بأي حال من الأحوال للبعد عن الخير والانغماس في أجواء الضغينة والشر التي يمكن أن تسود المجتمع طبقا لذلك.
إنها مجرد خديعة نفسية كاذبة يقوم بها نفوسهم، راحة غير عادلة وخاطئة، لكنها علم نفس يبرر الشر ويقوّيه وينشره عن طريق تغذيته أكثر. إنها مجرد حيلة من حيل كثيرة تستخدمها أنفسنا للتذرّع بذريعة صالحة لنا لعدم القيام بأشياء جيدة لا نريد القيام بها.