وتعكس الأزياء التقليدية ، التي تبصم نسخة تلو الأخرى على حضور متميز في هذه التظاهرة الوطنية الكبيرة ، جانبا من الهوية الثقافية الغنية بروافدها المتعددة ، حيث تعد رمزا للأناقة المغربية، وعاملا أساسيا في رياضة الفروسية التقليدية (التبوريدة) .
ولا تستقيم “التبوريدة” بدون جلباب وبلغة، إذ يشكلان قطعتين أساسيتين في لباس الفارس ويعدان من أهم ركائز اللباس التقليدي المستعمل في عروض التبوريدة في المواسم ، والأعراس والمناسبات الدينية والوطنية والدولية. كما يزيد الجلباب التقليدي والبلغة أو “التماك” جاذبية وأناقة ورونقا على شخصية الفارس ويجعله متميزا دون غيره.
ويشكل الجلباب جزءا مهما من الهوية الثقافية والتاريخية للمملكة المغربية، وعلامة فارقة في اللباس التقليدي المغربي لجودته وفنيته وارتفاع الطلب عليه، كما يجذب أنظار زوار وهواة ركوب الخيل .
وتستأثر أروقة الصناعة التقليدية بفضاء المعرض باهتمام الزوار والسياح، خاصة رواق الجلباب المغربي والبلغة وكذا مختلف منتوجات الصناعة التقليدية ، للوقوف على جودة وتميز الحرف التقليدية المغربية ومهارات أنامل الصانع المغربي.
ويبذل الحرفيون والصناع التقليديون كل ما في وسعهم للحفاظ على هذا الموروث الأصيل وتجديده وتقوية مكانته واستمراريته في ظل الطفرة التي يشهدها قطاع النسيج ودخول الآليات والتجهيزات المتطورة.
وفي هذا الصدد، أكد الصانع التقليدي محمد بلمعلم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، حرصه على الاستمرار في صناعة الجلباب وحياكة الخرقة باستعمال أدوات وآليات تقليدية من أجل الحفاظ على هذا التراث العريق، مضيفا أن صناعة الجلباب تعتمد في الغالب على مواد مصنوعة محليا وأخرى مستوردة كالحرير الحر الذي يضفي على الجلباب رونقا وجودة كبيرة.
وأضاف أن الطلب يزداد على الجلباب التقليدي في المواسم والأعراس من طرف الفرسان، إذ يطلب مقدم السربة توفير العديد من القطع (ما بين 15 و20 حسب عدد فرسان السربة)، مؤكدا أن الطلب يكثر على الجلباب المخطط بالأبيض والأسود المعروف بالجلابة “النمرية” وكذا نوع “سدا في سدا”، ذي لون واحد (أبيض).
وفي تصريح مماثل، أكد يونس الزعيم، فارس ينتمي لسربة جهة مراكش-آسفي، أن الجلباب التقليدي يعد تراثا مغربيا عريقا، متوارثا من الأجداد يميز المغاربة عن باقي الأمم، مشيرا إلى الفرسان ظلوا منذ سنوات متشبثين بالزي التقليدي وارتدائه في مختلف التظاهرات المرتبطة بالفروسية التقليدية.
وكان للبلغة دور كبير ومكانة مرموقة في لباس الفرسان ولا زال، رغم أن البعض عوضها ب”التماك”. حيث تعتبر مدينة فاس عاصمة لها وتشتهر بصناعها وورشاتها التي لا زالت تحافظ على هذا الإرث الحضاري العريق.
وفي هذا الصدد ، أكد أحمد بوشعالة، صانع تقليدي مختص في صناعة البلغة و”التماك” أن هناك نوعان يكثر عليهما الإقبال من طرف المغاربة عامة والفرسان خاصة، وهما البلغة الزيوانية التي تتميز بلونها الأصفر الفاقع، التي تصنع من جلد الماعز ، فيما يصنع النوع الثاني من جلد البقر بعد “دبغه” بمدابغ عصرية وتحويله بوسائل وتجهيزات حديثة وصباغته بألوان مختلفة.
ويبقى للجلباب والبلغة حضور قوي في البيوت والأسر المغربية، إذ يشكلان سمة العراقة والأناقة والتشبث بالتراث المغربي الأصيل. ولا زالت الأسر المغربية، تحرص على ارتداء الأزياء التقليدية في المناسبات والأعراس والأعياد الدينية وحتى الوطنية.